السبت، 10 يناير 2009

فيلم؟!

في أزمة الضغوطات التي تعيشها سورية، لم يتوقف الإعلام الغربي وبعض الإعلام العربي المتأمرك عن مهاجمتها والإساءة لمواقفها. وكنا نسمع ونشاهد هذه المهاترات ولا نأخذ بها إيماناً منا بعدالة قضايانا.. لكن عندما يتجرأ هذا الإعلام بوسائله المتعددة على المساس بحضارة الشعب السوري فهنا علينا الوقوف طويلاً والتأمل كثيراً.
.
منذ فترة ليست ببعيدة عرضت إحدى الفضائيات العربية فيلماً أجنبياً من بطولة وإنتاج غربي، استخدموا فيه اسم سورية والعلم السوري والعاصمة السورية ودارت فكرته حول الحرب على الإرهاب لكن الشيء السيئ هو تصوير سورية على أنها بلد الإرهاب والأسوأ أن يكون المواطن السوري في هذا الفيلم مواطناً متخلفاً بدائياً..

ومن أحداث الفيلم أيضاً اغتيال الرئيس السوري واستلام أخيه القيادة والأخير يمتلك قاعدة إرهابية فتحمل أميركا على عاتقها القضاء عليه خوفاً من توجيه الصواريخ النووية إلى أوروبا، وينتهي الفيلم بتخليص سورية من الإرهاب والتخلف على يد بطل وبطلة ولا مانع من وجود كثير من الرومانسية على الطريقة الأميركية الهوليودية إياها..

مَنْ المقصود بعرض فيلم كهذا هل المواطن العربي أم المواطن الغربي وتحديداً الأميركي أم كلاهما معاً؟.. وإلى أي درجة يتم الاستخفاف بالعقول العربية وبحضارة العرب..؟

فاللعبة الأميركية مكشوفة وهي اللعب على ذهنية شعوبها من خلال خلق هذه الصورة في اللاوعي لديهم عن طريق أفلام عدة ووسائل أعلام مزيفة والهدف من هذا كله تبرير مخططاتها الواضحة ومحو قرون وقرون من الحضارة والتاريخ لتظهر وحدها الإمبراطورية الأميركية صاحبة التاريخ والديمقراطية..

هذا ليس بغريب على أميركا، فهي منذ سنوات وسنوات تعمل من خلال مكاتب الدراسات الاستراتيجية وعن طريق البنتاغون المتعاون مع هوليود، تعمل على مسخ قضايا العرب واستطاعت إيصال صورة نمطية عن العربي من خلال ملكيتها لوسائل الإعلام، فوصفته بالتخلف إلى حد الغباء وغير القادر على إدارة ثروة إنسانية وعصب تقدمها ألا وهو النفط بالإضافة لتعطشه للدماء بالفطرة ونجحت هذه الرسالة.
أما العربي المتميز بالعلم والعقلانية والحضارة فأنجع طريق لاستهدافه وإذلاله هو بالضغط عليه حتى يرضخ وإن لم يستجب فالحكم عليه بالحرب..

وذنب سورية في هذه المرحلة فتمثل في أنها لم تتعامل مع أميركا في ملفات تفرض خضوعها في زمن ممنوع على العرب أن يعيشوا في دول ذات سيادات عربية، لذلك هذه الإمبراطورية تسعى جاهدةً إلى محو حضارة وقضايا سورية باتهامها بالاغتيال والإرهاب وتقييد الحريات والسلسلة تطول، وهي بعيدة كل البعد عن الواقع السوري.

وإذا عدنا إلى الفيلم وغيره من الأفلام التي عرضت وستعرض نصل إلى نتيجة حتمية بأن المقصود ليس السوريين فقط بل العرب جميعهم لإضعاف ثقتهم بماضيهم وأصالتهم وصناعة صورة نمطية عند الغرب..

ويبدو أن العرب يعرفون تماماً كيف يُضرب الوطن، لكنهم لا يعرفون كيف يُصان الوطن..! فلا عتب على فضائيات كهذه في بث أفلام من هذا النوع.
العدد 6 كانون الأول 2005 تحولات: رشا محفوض

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق